بقلم :: Hussien Tarhony
على خطى فلسطين....على خطى إسرائيل.....
تشارف صرخة الألم الهادرة في وطننا الحبيب على إنهاء شهرها الرابع, و قد ضحّى خيرة إخوتنا و أخواتنا بأرواحهم فداءاً لتاريخ أهلهم الذي جعلهم المعلمون الأوائل للأبجدية, و بناة جدار أول عاصمة اتخذتها البشرية, و فداءاً لمستقبلٍ لطالما خبئوا حلمهم به بين أجفانهم, و دثروه بجدران قلوبهم, خوفا عليه من عسس الحاكم بأمر إيران.
ألفي شهيد رقيق برقة الياسمين, ألفي أم ثكلى, ألفي أب مكلوم, عشرة ألاف أخ و أخت تجترح الذكرى صباح مساء خطوط عميقة حزينة في وجوههم, عشرون ألف قريب و صديق, تغلي رؤوسهم غلي القدور على المراجل, و الحال واحد, و الهدف لكل هؤلاء واحد, إسقاط النظام, و إن لم يسقط فالموت و لا المذلة.
ما يزيد عن مائتي ناحية, و قرية, و مدينة تلفها السواد, و رجالها فوق الألم, يستصرخون الألم, يستجمعون ما تبقى من صوتهم ليتحدوا رصاص البنادق, و فوهات المدافع, و أزيز الطائرات, و فوق كل ذلك نعيق شرذمة من الأوباش ارتضوا أن يأكلوا لحوم إخوتهم شهداء الوطن, فساروا يهتفون للقاتل ابن القاتل.
المدن دخلت في حالة من ( الكوما ), و لن يجدي معها طب رئيس البعث الغاشم, فعند كل ضاحية تجد مفرزة أمنية توجه الأسئلة و تطلب الهوية, تبحث في جيب بنطالك, و تفتش ذاكرة الهاتف المحمول فلما فلما, ثم إذا لم يكن ما يستحق الاعتقال, اعتقلتك إن شاءت, أو تركتك إن شاءت, و حينها لا تفكر بالنظر في محفظتك يا رعاك الله.
حزب البعث الآسن يذهلك, يخرج كل ما فيك من سعادة, ليبيعها خارجيا في أسواق النخاسة, و يملئك غيظاً و كمداً و تعاسة. كل قذارات منتسبيه هي مؤامرة يحيكها البسطاء من أبناء الشعب ضد البعث الطيب و رئيسه الطبيب, يطأ الشبيحة ظهور الناس فتقيم الجزيرة المتآمرة القيامة, و لم تسأل لماذا وضع أهل البيضة أجسادهم تحت نعال البيشمركة, يضرب الأحرار الأبطال وجوه الناس بدون رحمة أو شفقة, أو احترام لشيخ و توقير لكبير, فتنبري وسائل الإعلام الإمبريالية لتلقي الضوء على حدث قليل الأهمية كهذا و لم تكلف نفسها بسؤال المندس ذو الشيب الأبيض لما وضع وجهه أمام عنصر الأمن, و هو يؤدي رقصه أكروباتية ممانعة و مقاومه. ألم يعلم هذا الشيخ الكبّارة أهمية رقص عناصر الأمن في المساهمة بخلود رسالة البعث, و درجة ممانعة و مقاومة الرقصة على مقياس ريختر.
قد يستمر الحال لشهور و ربما لسنوات, و على معشر الشبيحة أن يستعدوا ليصبحوا محترفي تشبيح, هذا كلام السيد الشبيح رئيس البعث, المهم أن يبقى النظام, و كرما لعيون إيران, و عيون حزب المقاومة في لبنان, فلتبكي كل الأمهات في سوريا, و فداءاً لعائلة الأسد, فلتتحول كل أنهار سوريا, فراتاً و عاصياً و بردى, منظفات للدم السوري الطاهر في حوارينا.
العالم ينظر و ينتظر, و إسرائيل أيضا تنظر, و سيد البيت الأبيض تصله تقارير عبر استخباراته المنتشرة في كل زنقة. الكل في سوريا ينتظر.
في كمبوديا يتخلى الخمير الحمر, عن ألف باء الإنسانية و يحدثون إبادة جماعية, يندى لها جبين البشرية...تراه أين كان هذا العالم الناظر المنتظر. يسيل الدم أنهارا في رواندا, و مجزرة تحدث أبطالها الهوتو و التوتسي, و مصانع الأسلحة تعقد الصفقات في الخفاء, و العالم الشوفيني المريض يتلذذ بمنظر القتل و الدمار.... تراه أين كان هذا العالم؟ يتصارع العالم الحر, ( و هو المتحرر من كل المفاهيم الإنسانية ) لامتلاك أسلحة الدمار الشامل و القنابل بكافة جبروتها, و هو هذا العالم الذي قصف هيروشيما و ناغازاكي انتصارا لمصالحه.
الأهم مما سبق أن إسرائيل تنظر, فهي ما فوق المجتمع الدولي, و مصالحها ما قبل المصالح الأميركية, و ما قبل قبل المصالح الأوروبية, و اضرب ( ما قبل ) بعشرة مرفوعة للقوة عشرة من المصالح العربية. ثم حدد موقع الشعب السوري من خارطة الطريق.
أدعوك للتخيل, أحضر ورقة بيضاء, ارسم عليها خارطة سوريا مسيّجة بأشواك معدنية, عيّن عليها ما استطعت من المدن و القرى و النواحي, اكتب بخط صغير ( 23000000 ), قطّع أوصال المدن و القرى بخطوط متقطعة, ارسم دبابات و طائرات و مدافع, اجعل الخارطة تنزف دماً, ثم اكتب في رأس الصفحة ( فلسطين المحتلة ) عفواً أقصد ( سوريا الأسد ).

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق